قواعد السلوك المهني لكاتب الضبط بفضاء المحكمة


قواعد السلوك المهني بأقسام قضاء الأسرة


إعداد/ محمد إكيج / منتدب قضائي إقليمي / إبتدائية القنيطرة
تحت إشراف ذ: عبد الرفيع ارويحن/ مدير تكوين كتاب الضبط

المدة الإجمالية: للعرض 5 إلى 6 ساعات

الفئة المستهدفة: موظفو كتابة الضبط بأقسام قضاء الأسرة
أهداف الدرس:
الأهداف العملياتية
·       ترسيخ ثقافة  خدمة المرفق العام في سلوك الموظف
·       تحقيق مبدأ  تخليق الحياة الإدارية بأقسام قضاء الأسرة
·       تسهيل الولوج إلى أقسام الأسرة والوصول إلى خدماتها
الأهداف البيداغوجية:
v   التعرف على القيم الأساسية لقواعد السلوك المهني
v   استيعاب العلاقة بين قواعد السلوك المهني وجودة خدمات أقسام قضاء الأسرة
v   إدراك الآليات الذاتية لتطوير قواعد السلوك ودمجها في التصرفات وردود الفعل اليومية
المحاور الأساسية للدرس:
تمهيد
v   مفهوم قواعد السلوك المهني
v   أهمية قواعد السلوك بأقسام قضاء الأسرة
المحور الأول/ قواعد السلوك الداخلية بأقسام قضاء الأسرة
v   التعريف بالمبادئ الكبرى لقواعد السلوك الداخلية
v   قواعد السلوك  تجاه المرفق العام
v    تبني قيم إيجابية تثمن  المرفق و الوظيفة والمهام.
v    الانخراط في العمل والسياسة العامة للمرفق.
v    المحافظة على الممتلكات العامة.
v    عدم استغلال المرفق العام لأغراض شخصية.
v    كتمان السر المهني
v    تنظيم مجال العمل
v   الحرص على جودة الخدمات المقدمة بالمرفق
v   قواعد السلوك بين الرؤساء والمرؤوسين   
v    احترام رؤساء العمل
v    الانخراط في البرامج والخطط المحددة
v    الانضباط للقرارات المتخذة
v    احترام شخصية المرؤوسين
v    عدم التسخير في أغراض شخصية
v    الحرص على الموضوعية والمساواة تجاه المرؤوسين
v    تقديم المساعدة الممكنة لتطوير القدرات
v   عدم التمييز بسبب الانتماءات
v   قواعد السلوك بين زملاء وزميلات العمل
v    احترام قواعد المروءة والشهامة
v    تقديم يد المساعدة عند الحاجة
v    العمل بروح الفريق
v    تجنب إيذاء زملاء وزميلات العمل
v   عدم التدخل في الحياة الشخصية للزملاء
المحور الثاني/ قواعد السلوك تجاه الوافدين على أقسام الأسرة
v    التحلي بمبدأ النزاهة تجاه الوافدين
v    التحلي بمبدأ المساواة وتجنب كل أشكال التمييز
v    التحلي بمبدأ الحياة والموضوعية في التعامل
v   اعتماد آليات التواصل الميسرة لحسن الاستقبال (الوضوح، التبسيط، البشاشة، حسن الاستماع، المساعدة، حسن التوجيه...)
المحور الثالث/ آليات ترسيخ قواعد السلوك المهني بأقسام الأسرة
v    تنمية روح الرقابة الذاتية
v    ترسيخ ثقافة خدمة المرفق العام
v    التأكيد على القدوة الحسنة
v   التعريف ببعض المساطر الزاجة للسلوكات المهنية المنحرفة.
المحور الرابع/ التقييم العام  للدرس


تمهيد:
ليس ثمة تعريف دقيق وموحد لقواعد السلوك المهني أو ما يصطلح عليه بالأخلاقيات المهنية، غير أن هناك شبه إجماع على أن المقصود هو تلك المنظومة التي تتشكل من المبادئ والقيم التي تؤطر وتضبط  سلوك الموظف المكلف بتسيير وتدبير الشأن العام ، وتوجه الحياة والممارسة المهنية للموظف العمومي.
وقد كان موضوع قواعد السلوك في العمل محل اهتمام الشرائع السماوية، وخاصة تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، التي توفر ثروة هامة من التوجيهات الأخلاقية التي من شأنها أن تكون لدى الفرد المسلم رصيدا مهما من أخلاق العمل، والمحافظة على المال العام، وصيانة الممتلكات المشتركة وغيرها.. .
كما حظي باهتمام العديد من الدراسات الإنسانية، منذ وقت مبكر نسبيا، ولعل  دراسة فلكسنر (Flexner) عام 1915م هي أقدم دراسة في مجال المهن، وقد توصلت إلى معايير عدة، أهمها أن يكون للمهنة قواعد أخلاقية تحكم عملياتها..
كما كان هذا الموضوع، محل اهتمام العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية، حيث انكبت على إيجاد إطار مرجعي أخلاقي وسلوكي ينظم العلاقات داخل المرفق العام، ويضمن بالتالي الخدمة الجيدة اللازمة.
وفي هذا السياق، وعلى الصعيد الدولي، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 دجنبر 1979 "مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين". كما صادقت نفس الهيئة في 12 دجنبر 1996 على "المدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين".
وإقليميا، أكد ميثاق الوظيفة العمومية بإفريقيا الصادر في فبراير 2001 على  مبادئ وقواعد سلوك المرافق العمومية، التي من شأنها أن تدعم القيم الأخلاقية وصورة المرفق العام وكذا مهنية موظفيه وأعوانه.
ووطنيا، تم اعتماد "ميثاق حسن التدبير"   منذ سنة 1998، الذي يؤكد على ضرورة الالتزام بالعمل على تخليق الحياة الإدارية، و بترشيد وعقلنة التدبير العمومي، وبدعم التواصل والتشاور وانفتاح الإدارة على محيطها.
وعقدت وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري يومي 29 و30  أكتوبر  1999  ندوة  وطنية حول "دعم الأخلاقيات بالمرفق العام ، تميزت بالخصوص بتلاوة الرسالة الملكية، والتي أكدت أن الأخلاق "هي أساس من أسس الدولة تقوم بقيامها ، وتنهار بانهيارها"
وفي مارس 2004 راسلت الوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة، جميع الوزارات، قصد تفعيل "ميثاق حسن سلوك الموظف العمومي"  الذي يحدد  المبادئ والضوابط العامة التي ينبغي أن تؤطر سلوك الموظف العمومي سواء داخل الإدارة أو في علاقته مع المرتفقين.

أهمية قواعد السلوك بأقسام قضاء الأسرة:
لاشك أن التحلي بأخلاق رفيعة، في مرفق قضائي كأقسام قضاء الأسرة، أمر ضروري وحيوي بالنسبة للسير العادي للعمل، ذلك أن تشبع العاملين بهذه الأخلاق من شأنه أن يخلق مناخا اجتماعيا له عدة انعكاسات إيجابية لعل أهمها:
المساعدة في تطبيق جيد للقاعدة القانونية
أولا، كونها تقوم بدور المكمل للقاعدة القانونية والمساعد على انتشار تطبيقها واحترامها. ذلك أن مدونة الأسرة جاءت بمجموعة من الآليات القانونية والمسطرية لحماية الأسرة، التي لا يتوقف تحقيقها على احترام المساطر فقط، ولكن بناء على احترام قواعد السلوك من طرف العاملين بأقسام الأسرة.
خلق صورة إيجابية لدى مرتفقي أقسام الأسرة
ثانيا، خلق صورة حسنة لدى مرتفقي هذه الأقسام، وجعلهم يطمئنون  إلى العاملين بالمحاكم والمرافق القضائية  بشكل عام.
الرفع من جودة خدمات أقسام الأسرة
ثالثا، الرفع من جودة الخدمات القضائية و الإدارية المقدمة بهذه الأقسام، وذلك من خلال تحسين شكل وطريقة تقديم هذه الخدمات. 
حماية الجسد المهني من المظاهر السلبية
ثم رابعا، حماية الجسد المهني من تسرب بعض السلوكات والتصرفات غير الملائمة التي تضر بصورة هذه الأقسام.
تخفيف عبء العمل والتحبيب في المهام الممارسة
وخامسا، التخفيف من عبء العمل الذي يطبع العمل بالمحاكم عموما، و بكتابة الضبط بأقسام الأسرة على وجه الخصوص، من خلال خلق جو اجتماعي سليم والحد من نشوب النزاعات مع الوافدين ومساعدي القضاء.
التقليل من الصراعات الشخصية والحد من النزعات الأنانية في العمل
ومنها أخيرا، التقليل من النزاعات الشخصية، والصراعات الخفية، التي تهدر الجهد وتضيع أوقات العمل الثمينة، وكذا  الحد من النزعات الأنانية والإحساس بالأفضلية بدعوى التوفر على مؤهلات لا توجد لدى باقي العاملين من زملاء ورؤساء..

المحور الأول: قواعد السلوك الداخلية بأقسام قضاء الأسرة
تضم قواعد السلوك الداخلية جملة الضوابط العامة التي من المفترض أن يأخذها الموظف بعين الاعتبار، كلما أقبل على القيام بعمل يدخل ضمن مهامه أو وظيفته. وبالتالي فهذه القواعد بالإضافة إلى القواعد المنصوص عليها في القوانين المنظمة للعمل، هي التي يجب أن تؤطر أنشطة وسلوك وتصرفات الموظف وتحدد طبيعة العلاقات السائدة بداخل أقسام قضاء الأسرة.
وتتفرع قواعد السلوك الداخلية  عموما من  ثلاثة  مبادئ أساسية هي: الاستقامة واللياقة والفعالية.
الاستقامة:   
ويقصد بالاستقامة، أن يتجنب الموظف كل التصرفات التي من شأنها أن تؤدي إلى اللوم أو التجريح أو تسيء إلى المرفق القضائي الذي يعمل به،
اللياقة:
ويتطلب هذا المبدأ أن يتسم الموظف بالكياسة والفطنة، وأن يحترم مظهره الخارجي، وأن يتجنب كل العلاقات الشخصية المؤدية إلى شبهات، خاصة في علاقته بمساعدي القضاء  كالمحامين والعدول والخبراء وغيرهم.
الفعالية:
وتتطلب الفعالية من الموظف عدم التهاون في أداء المهام الموكولة إليه، وأن يفرغ كامل وقته وطاقته لعمله، وعلى هذا الأساس أكد قانون الوظيفة العمومية في الفصل 15 على منع الموظف العمومي من ممارسة أي  نشاط آخر غير وظيفته بصفة مهنية إلا بموجب استثنائي.
ومن المؤكد أن المبادئ المشار إليها أعلاه، وكذا القواعد الأخرى المتفرعة عنها متكاملة ومرتبطة فيما بينها، ينبغي أن تكون حاضرة في جميع أنواع العلاقات الممكنة داخل أقسام الأسرة.
وسنعمل على إبراز المبادئ المذكورة من خلال التطرق إلى كل نوع معين من العلاقات الداخلية حسب طبيعتها وهي:

·       قواعد سلوك  الموظف اتجاه المرفق القضائي الذي يعمل به،
·       و قواعد السلوك  التي تحكم علاقات الرؤساء والمرؤوسين،
·       وقواعد سلوك  الموظف اتجاه الزملاء.

أولا/ قواعد سلوك  الموظف تجاه المرفق القضائي
يبرز احترام مبادئ الاستقامة واللياقة والفعالية اتجاه  المرفق العام في العناصر التالية:
1/ تبني قيم إيجابية تثمن  المرفق و الوظيفة والمهام
وذلك بتقوية الإحساس بالانتماء إلى المرفق أو الجسم المهني الذي يعمل فيه، مع عدم استصغار الخدمات التي يقدمها للمواطنين، أو التقليل من شأن  العاملين به أو بقدراتهم، وكل ما من شأنه أن يظهر صورة المرفق في أعين المرتفقين بشكل سلبي.
2/ الانخراط في العمل والسياسة العامة للمرفق
وذلك بالمساهمة في تطبيق مستجدات المدونة وتحقيق الغاية منها وذلك من خلال احترام القانون والالتزام بمبدأ المشروعية، أي أن يكون عمل الموظف مطابقا للقواعد القانونية الجاري بها العمل ولو لم يكن مقتنعا بها مثلا أو تتعارض مع بعض مواقفه الشخصية .
فعمل الموظف بأقسام الأسرة مؤطر بمجموعة من المساطر القانونية بعضها جديد قد يلقى مقاومة من بعض الفئات الاجتماعية لتعارضها مع مصالحها أو لعدم استيعاب الغاية منها، وهو ما يتطلب من الموظف الحرص على تدليل هذه الصعاب وأخذها في الحسبان. والعمل في كل الحالات، على تطبيقها بشكل سليم واحترام آجالها المضبوطة التي لا ينبغي تجاوزها إلا بمقتضى القانون.
ومن ثم لابد من معرفة واستيعاب مضامين هذه المساطر استيعابا جيدا، خاصة ما يتعلق بمستجدات مدونة الأسرة، التي تؤكد على مبادئ العدل والإنصاف وإقرار المساواة بين الرجل والمرأة، ومراعاة حقوق الطفل وغيرها ، حتى يتمكن الموظف  من أداء مهامه بشكل سليم ومضبوط، بعيدا عن أي شطط في الممارسة أو إسراف في التفسير.
3/ المحافظة على الممتلكات العامة الموضوعة رهن إشارة الموظف، من مطبوعات وكراسي ومكاتب وأدوات وغيرها، وذلك بعدم إتلافها أو إحداث الخسائر فيها، أو  بالإسراف في استعمالها في غير ما أعدت له، أو نحوها من السلوكات التي تؤدي إلى تبديدها.
4/ عدم استغلال المرفق العام لأغراض شخصية ، خاصة  فيما يدر على الموظف العمومي أرباحا أو إيرادات خاصة، ينتفع بها هو شخصيا  أو أحد أفراد عائلته، وذلك طبقا للفصل 15 من قانون الوظيفة العمومية، و"المدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العمومين". 
5/ كتمان السر المهني
فقد أكد المشرع المغربي في الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية على إلزامية كتمان السر المهني، كما أكد "ميثاق حسن سلوك الموظف العمومي" ضمن الضوابط الأساسية للعمل بالإدارة على "الامتناع عن تسريب المعلومات التي تدخل ضمن السر المهني ".  
ومعلوم أن من الخصائص الأساسية للقضايا المعروضة بأقسام قضاء الأسرة أنها تمس الجوانب الشخصية والحميمية والاجتماعية، والأكثر سرية والتصاقا بحياة الأفراد والأسر، ومن ثم فهي جزء أساسي من السر المهني الذي ينبغي على الموظف بهذه الأقسام أن يحرص على كتمانه وعدم إفشائه للعموم، ولو لأقرب المقربين إليه. 
ومن الأمثلة الدالة في هذا المجال، والتي تخص قضايا الأسرة نذكر، إفشاء كاتب الجلسة ما راج في غرفة المشورة من الأمور التي تخص الحياة الشخصية للزوجين الراغبين في الانفصال، أو  الإفصاح عن الأسباب الموضوعية والاستثنائية التي أدلى بها الزوج قصد الإذن له بالتعدد، والتي قد تخص علاقته الشخصية بزوجته الأولى.
 أو إطلاع من ليس له علاقة بالملف على وثائقه أو مستنداته.. ولو كان من أقرب المقربين لطرفي الدعوى... كما يدخل في هذا الباب عدم تسريب المعلومات الإدارية أو القضائية المتعلقة بالقسم (كالإحصائيات مثلا) إلى جهات أخرى لاستعمالها لأغراض غير مشروعة.
أما مبدأ الفعالية فيستلزم من الموظف احترام مجموعة من القواعد أثناء أدائه لعمله ومنها:
1/ الجـــدية في التعامل مع طلبات المتقاضين، وذلك من خلال الفهم الجيد لما يطلبه المتقاضي، و تبسيط الإجراءات والاكتفاء بما يحدده القانون و بالقدر الذي يحقق المصلحة القضائية.
2/ المــرونة ، أي أن تكون القرارات والإجراءات التي يتخذها الموظف مناسبة للهدف المتوخى من الخدمة الإدارية بشكل عام، أي تحقيق  التوازن بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة، دون المساس بجوهر القانون المنظم للعمل.
3/ تنظيم العمل، لكونه يمثل دليلا واضحا على حب الموظف لعمله، وتفانيه في خدمة المرفق العام كما أنه يمكن من تحسين جودة وسرعة الخدمات المقدمة للمرتفقين من جهة و يساهم في خلق صورة  جيدة عن موظفي أقسام قضاء الأسرة والخدمات التي يقدمونها للوافدين. 
تتحدد أهم المجالات التي ينبغي أن يشملها تنظيم العمل بأقسام قضاء الأسرة فيما يلي:
أ/ مكاتب العمل، وذلك بالحرص على تنظيم معداتها ولوازمها، والمحافظة على نظافتها، بحكم أنها – أولا - فضاء عام لاستقبال الوافدين على أقسام الأسرة، ثم ثاينا، بحكم أنها فضاء خاص، لأن الموظف يقضي بها ما يناهز ثلث يومه الشخصي.
ب/ سجلات العمل، وذلك بحسن مسكها وترقيمها وترتيبها حسب الجلسات والسنوات الأقدم فالأحدث، إذ من شأن ذلك أن يعين الموظف في القيام بالإجراءات المطلوبة في أسرع وقت وبدقة متناهية.
ج/ المراسلات، وذلك بتسجيلها قي السجل المعد لها، والإجابة عنها في الآجال المعقولة، وإبلاغ أصحابها بإصلاح الأخطاء أو النقص الوارد فيها، وعدم التردد في إرجاع المراسلات الواردة خطأ على القسم، مع إخبار صاحبها بالجهة المختصة ما أمكن.
د/ الحفظ،، ويتحقق تنظيمه من خلال المراقبة والضبط الجيد للوثائق عند الدخول والخروج، وفرز الملفات حسب القضايا، وتخصيص الوقت الكافي لترتيب الملفات، إذ كلما كان الوقت المخصص للترتيب كافيا إلا وكان الوقت المتطلب للبحث قصيرا جدا والعكس بالعكس.
4/ الجودة  في تنفيذ الإجراءات والمساطر                           
مفهوم الجودة من المفاهيم الإدارية الحديثة، التي تهدف إلى تحسين وتطوير الأداء بصفة مستمرة وذلك من خلال الاستجابة لمتطلبات الوافدين على المرفق الإداري.
ولتجسيد هذا المفهوم في أقسام قضاء الأسرة، فلابد من الحرص على  ما يلي.

أ/ السرعة في الإنجاز، لأن غالب  قضايا الأسرة تتسم بالصبغة الاستعجالية، ومن ثم فكل الإجراءات المرتبطة بمثل هذه القضايا سواء في التبليغ أو التنفيذ ينبغي أن تنجز في أسرع وقت من غير تهاون أو تماطل..
ب/ الابتكار والإبداع،  فلا ينبغي التعامل مع الإجراءات المسطرية بنوع من الجمود والبيروقراطية المفرطة التي من شأنها عرقلة العمل، بل لا بأس من ابتكار بعض الوسائل التي تساعد في تنفيذ هذه الإجراءات، لكن دون المساس بروح النص المنظم لها.
ومن الأمثلة على ذلك: السماح بالسهر على التبليغ للمتقاضي قصد ضمان توصل الطرف توصلا قانونيا، أو تمكينه من طي المراسلة التي تخصه، قصد إيصاله إلى الجهة المرسل إليها ربحا للوقت وتيسيرا لعمل المحكمة في ظل قلة الأعوان المكلفين بمثل هذه الأشغال...

ثانيا/ قواعد السلوك بين العاملين بأقسام قضاء الأسرة
يمكن التمييز في قواعد السلوك بين العاملين بأقسام قضاء الأسرة بين مستويين:
         أ – قواعد السلوك تجاه الرؤساء والمرؤوسين
         ب – قواعد السلوك تجاه الزملاء والزميلات
أولا/ قواعد السلوك تجاه  الرؤساء والمرؤوسين
تتمثل أهم القواعد السلوكية التي ينبغي الالتزام بها بين الرؤساء والمرؤوسين في:
أ/ احترام رؤساء العمل
فهو مبدأ لا يستمد مشروعيته من القانون فقط ولكن أيضا من الأخلاق والسلوك الحسن. ومن ثم لا يجب أن تؤدي الأعباء الناتجة عن مواقف وأوامر الرئيس إلى ردود فعل سلبية وعلاقة تحدي وصراع. بل على المرؤوس أن يتفهم  ثقل مسؤولية التسيير الموضوعة على عاتق المسئول وكونه مطالب بتحقيق أهداف المرفق في ظروف غالبا ما تكون صعبة وبإمكانات قليلة. بالإضافة إلى أنه هو الآخر مطالب بتقديم الحساب و الحصيلة.
 كما أن الاحترام يتطلب الانخراط في العمل والخطط والبرامج والأهداف التي يضعها المسئول، لأنها موجهة بالأساس لتحقيق الغاية من وجود المرفق وهي تقديم خدمات للمرتفقين وتلبية طلباتهم لذلك على المرؤوس الثقة في رؤسائه والانخراط  بتلقائية  في مخططاتهم   عن طريق إنجاز العمل بأكبر قدر من السرعة، وإخبار الرؤساء  بالنتيجة أو الصعوبات أو العراقيل وعدم التستر عليها.
ب/ الالتزام بأوقات العمل في الدخول والخروج
ومن مظاهر الاستقامة احترام أوامر الرؤساء في كل ما يتعلق بالالتزام بأوقات العمل، ولزوم مكتب العمل  وعدم تضييع الأوقات في الأحاديث الثنائية الخارجة عن نطاق العمل، أو بالخروج المتكرر من المكتب،  أو بافتعال المرض والتغيب المتكرر.. 
ج/ احترام الرؤساء للمرؤوسين
فالرؤساء مطالبون، أيضا، بالاحترام تجاه مرؤوسيهم أو الأطر الأقل مرتبة  منهم. ذلك أن احترام الرئيس لمرؤوسيه بالإضافة إلى كونه يدخل ضمن القدوة الحسنة وإعطاء المثال والنموذج الذي يجب أن يحتدى به، فهو سلوك  يدخل ضمن  نظام حسن تدبير الموارد البشرية، لما يخلقه من  مناخ اجتماعي داخل المرفق، ويولده من ثقة بين الرئيس ومرؤوسيه وبالتالي تكون آثاره إيجابية على الانخراط والتفاني في العمل.  
ولتجسيد هذا الاحترام ينبغي على الرؤساء:
v   الحرص على حسن التقدير لشخصية المرؤوسين، و ذلك بتفادي الاحتقار في حقهم،  أو تسخيرهم في أغراض شخصية لا علاقة لها بالعمل الإداري.....
v   الحرص على الموضوعية والمساواة وتفادي المحسوبية  أو التمييز  فيما بينهم على أساس الانتماء القبلي أو السياسي أو الاجتماعي، واعتبار معايير الكفاءة والجدية في العمل والانضباط للقواعد المهنية المنظمة للمرفق هي أساس التقييم إيجابا أو سلبا لهذا الموظف أو ذاك.
v   تقديم المساعدة للمرؤوسين من أجل تطوير قدراتهم و مؤهلاتهم  وذلك من خلال التحفيز والتشجيع، وتقدير الكفاءات والمبادرات التي يقوم بها أحيانا بعض الموظفين، والتي تساهم في تطوير الأداء العام للمرفق.
ثانيا/ قواعد السلوك بين زملاء العمل
تتحدد  أهم قواعد السلوك بين زملاء العمل بأقسام قضاء الأسرة فيما يلي:  
أ/ احترام قواعد المروءة والشهامة تجاه الزملاء  والزميلات،
وذلك بعدم التصريح بما يمس بسمعة وشرف زملائه، وكذا تجنب كافة أنواع التحرش، أو تجاوز حدود اللياقة والذوق الرفيع في التعامل اليومي.
ويتطلب هذا السلوك، من الموظف والموظفة، إضافة إلى التحلي بمكارم الأخلاق الدينية والإنسانية، أن يكون متشبعا بثقافة النوع الاجتماعي، التي تؤكد على عدم التمييز بين الرجل والمرأة على أساس الجنس،  بل على  تبادل الأدوار الوظيفية بينهما بناء على معيار القدرة والكفاءة.
ب / تقديم يد المساعدة عند الحاجة
فالسلوك السوي  تجاه زملاء  العمل يقتضي أن يعتبر  الموظف أن تحقيق أهداف المرفق هو مسؤولية جماعية، وبالتالي فإن من واجباته  عند الانتهاء من عمله وعند الاقتضاء أن يساعد الآخرين على إنجاز مهامهم وتجاوز الصعوبات التي تعترضهم.
ج/ العمل بروح الفريق،
وذلك في إنجاز بعض الأعمال المستعجلة كالإحصائيات الدورية أو السنوية، أو تصفية بعض الأشغال المتراكمة بسبب الكثرة وقلة الموظفين، أو أثناء بعض الحملات مثل التسجيل في الحالة المدنية أو دعاوى ثبوت الزوجية أو نحوها. 
ولاشك أن العمل بهذا الشكل له عدة إيجابيات منها التخفيف من عبء العمل على الموظفين، وضمان الجودة في العمل والسرعة في الإنجاز، وإعطاء صورة إيجابية جدا عن القسم، سواء لدى المسؤولين أو المتقاضين.. 
د/ الامتناع عن إيذاء  الزملاء
كما يجب على الموظف أن يتفادى الإيقاع بالزملاء ولا يتعمد أي تأخير، أو يقوم بأعمال  مغرضة من شأنها أن تعرقل عمل زملائه، أو تزيد من عبء عملهم أو تخلق لهم مشاكل  مع المسئولين والمرتفقين.
هـ/ عدم التدخل في الحياة الشخصية والعائلية للزملاء
ذلك أن العلاقة اليومية في العمل بين الموظفين قد تتطور  لتتوطد خارجه، فتأخذ طابعا اجتماعيا، قد تكون له انعكاسات إيجابية أو سلبية على الحياة الشخصية أو العائلية لبعض الموظفين .. وهنا ينبغي أن لا يؤثر هذا الوضع على العلاقات داخل العمل أو أن يخرجها عن إطارها المهني الصرف.. 

إن احترام قواعد السلوك الداخلية المشار إليها سابقا، بل والالتزام بها في أقسام قضاء الأسرة من شأنها أن تؤسس لعلاقات إيجابية وبناءة بين كل العاملين بهذه الأقسام، وأن تثمر عملا جيدا بها.

المحور الثاني/ قواعد السلوك تجاه الوافدين على أقسام قضاء الأسرة
لا تختلف أقسام قضاء الأسرة عن باقي المرافق العمومية من حيث أنها ليست موجودة لذاتها، ولكنها موجودة لتلبية  حاجيات إدارية  في  شكل خدمات تقدم لجميع الوافدين عليها.
لذا فإن نفس القيم الأخلاقية المطلوبة في التعامل الداخلي يجب أن تحترم وبشكل أكبر في العلاقات مع الوافدين على هذه الأقسام، كما أن هذه المبادئ غالبا ما تتجسد بشكل واضح من خلال  التطبيق الجيد للمفاهيم الحديثة للتواصل بين الموظف و الوافد.
إن المبادئ الكبرى للأخلاقيات التي تنبع منها قواعد السلوك الداخلية حاضرة وبقوة في ضبط العلاقات مع الوافدين على أقسام الأسرة، سواء في ذلك مبدأ الاستقامة أو اللياقة أو الفعالية. إلا أن طبيعة العلاقة مع الوافدين تخضع أيضا إلى ثلاث مبادئ أخرى ذات أهمية كبرى وهي مبدأ المساواة ومبدأ النزاهة ومبدأ الحياد.
1/ التحلي بمبدأ النزاهة 
يعد مبدأ النزاهة من المبادئ الهامة في قواعد السلوك التي أكدت عليها كل الشرائع السماوية والوضعية وكذا القوانين الوطنية والدولية.
فقد أكدت تعاليم الدين الإسلامي الحنيف على ضرورة الالتزام بهذا المبدأ الأخلاقي الرفيع في كل الأعمال التي يباشرها الإنسان، وخاصة الأعمال التي لها صلة بمصالح الناس، ووردت آيات كثيرة في القرآن الكريم، وأحاديث نبوية تحرم الغش وتنص على حرمة أكل أموال الناس بالباطل. 
وجاء في المادة 9 من المدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين أنه "لا يجوز للموظفين العموميين، أن يطلبوا أو يقبلوا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أي هدايا أو غيرها من المجاملات، قد يكون لها تأثير على ممارستهم لمهامهم، أو أدائهم لواجباتهم، أو على ما يصدرونه من قرارات".
وبناء عليه، فإن مبدأ النزاهة يتطلب من الموظف بأقسام قضاء الأسرة ما يلي:

أ/ رفض الإغراء المادي أو المعنوي
أن يرفض الموظف  كل أشكال الإغراء المادي أو المعنوي التي  يحاول أن يقدمها بعض المتقاضين إما على شكل رشاوى مباشرة، أو باسم الهدايا والمجاملات بغية التأثير في مجرى العدالة، أو التمكين من وثائق ومستندات لا تخصهم..
ب/ عدم استغلال المنصب
عدم استعمال المنصب أو الموقع الذي يحتله في وظيفته لتحقيق أغراض شخصية أو أغراض أحد أفراد عائلته.
ج/ أداء المهام بكامل التجرد
القيام بالمهام الموكولة إلى الموظف بكامل التجرد بعيدا عن أي شكل من أشكال الابتزاز للوافد الذي يريد الاستفادة من خدمات المرفق الذي ينتمي إليه الموظف.
2/ التحلي بمبدأ المساواة 
لا يختلف اثنان أن مبدأ المساواة من المبادئ الأخلاقية الإنسانية الكبرى الذي نصت عليه جميع الشرائع السماوية وكذا جميع المواثيق الوضعية الدولية والوطنية، وذلك لما له من آثار إيجابية في ضمان العدالة والإنصاف في كل العلاقات الإنسانية الخاصة والعامة.
وبناء عليه فالمساواة ضمانة أساسية لحسن تصريف أشغال أقسام الأسرة وضمان حقوق الوافدين.
         ويتفرع عن هذا المبدأ عدة قواعد يجب أن يحترمها الموظف في عمله ومنها:  
أ/ تجنب كل أشكال التمييز 
أن يتجنب الموظف الوقوع في أي شكل من أشكال التمييز بين الوافدين بسبب انتماءاتهم المختلفة والمتعددة سواء كانت :
انتماء سياسيا أو عقائديا أو الانخراط  في أحزاب أو نقابات أو لمجرد اعتبارات فكرية أو إيديولوجية مخالفة لمواقف الموظف، فلا يجب أن تتأثر قراراته  اتجاه طلبات المرتفق او المتقاضي بأي شيء من ذلك كله أو بعضه. 
أو بسبب الانتماء الاجتماعي ، مثل الغنى أو الفقر، أو بالنظر إلى الهندام والمظاهر الخارجية..
كما يجب الحرص على تفادي كل ما من شأنه أن يأخذ بالاعتبار أي انتماء عرقي أو جهوي أو لغوي، بحكم أن أقسام قضاء الأسرة يفد عليها أصناف مختلفة من الناس من المدن أو القرى ومن هويات وطنية  مختلفة محلية وأجنبية ..
الانتماء النوعي
فقد جاءت مدونة الأسرة بالأساس لخلق توازن بين حقوق كل أفراد الأسرة. وهذا  يفرض الحرص بصفة خاصة على احترام مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة بحكم أن أسباب النزاع التي يحضر من أجلها المتقاضون لها علاقة مباشرة بموقع كل من الزوجة والزوج، وقد تؤدي بالموظف أو الموظفة إلى الميل نحو أحد الطرفين بسبب الانتماء إلى نفس الجنس.
فقد يميل الموظف أو الموظفة عاطفيا مع نفس جنسه، فيتساهل في إصدار أو قبول بعض المقولات الاجتماعية السائدة من قبيل: "العيالات دصرو"، "الرجال كلهم بحال بحال"، "المراة ديما محكورة"، وغيرها من العبارات التي، وإن كانت تبدو من قبيل المزاح أو الحديث المجاني، من شأنها أن تخرج الموظف عن حياده، وينظر إليها أنها وراء قرارات أو مواقف مجحفة في حق هذا الطرف أو ذاك. 
3/ التحلي بمبدأ الحياد والموضوعية  
إن مبدأ الحياد والموضوعية يفرض على الموظف أن يؤدي مهمته تجاه الوافدين على أقسام قضاء الأسرة  بكيفية مستقلة، ودون تأثير خارجي، أو تحريض، أو ضغط، أو تهديد، أو لأي سبب آخر.. وتجسيدا لذلك ينبغي الحرص على ما يلي:
أ/ الاستجابة لطلبات الوافدين بلا مراء 
أن يستجيب الموظف لطلبات الوافدين على أقسام قضاء الأسرة بكل موضوعية بعيدا عن أي مراء أو ميل لهذا الطرف أو ذاك.
ب/ تفادي التصرفات أو الإشارات التي تطعن في الحياد
الحرص في التعامل الداخلي أو الخارجي على تفادي جميع  التصرفات أو الإشارات  التي قد تفهم على أنها انحياز وتؤدى إلى الطعن في حياده.
ج/ عدم إبداء الرأي أوالتعليق حول قضية أو إجراء داخل العمل أو خارجه
الامتناع بشكل تام أثناء العمل بالمكتب أو الجلسات أو حتى في النقاشات خارج العمل عن إصدار آراء أو تعليقات حول قضية ما أو ملف أو إجراء، من شأنها أن تلقي بالشك حول موضوعية وحياد عمل الموظف.
د/ الابتعاد عن مباشرة الإجراءات التي تخص أقاربه أو معارفه
التخلي عن القيام بعمل أو إجراء ما في حالة إحساس الموظف بميل نحو أحد أطرافه، أو إذا كان له معرفة أو قرابة بهم يمكن أن تؤثر على نتيجة عمله، أو إذا كان على خصام سابق مع أحد الأطراف أو شاهدا عليه أو ضده في إجراء القضايا السابقة.
4/ اعتماد آليات  التواصل                                                
إن التواصل البناء المؤسس على قواعد مدروسة يمكن من جعل العلاقات مع الوافدين  شفافة وواضحة ويشكل بالتالي، إحدى أهم المداخل التي تسهل تطبيق واحترام  القواعد السلوكية المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى تسهيله  ولوج الوافدين إلى أقسام قضاء الأسرة، ومن ثم الاستجابة لطلباتهم.
ومعلوم أن الموظف بجهاز كتابة الضبط هو الذي يقوم بالنصيب الأوفر من العملية التواصلية مع الوافدين على هذه الأقسام؛ ومن ثم يعتبر موظفا ناجحا من يمتلك، إلى جانب مهاراته الإدارية، الآليات الجيدة في التواصل مع العموم، والتي تجعله قريبا من الناس، ومحبوبا لديهم.
و التواصل الفعال – في أي عملية تواصلية - يتحقق من خلال الكلمات والنظرات والإشارات، وقسمات الوجه، ولغة الجسد بشكل عام، و من القواعد البسيطة المساعدة على للتواصل نذكر:
1.    المحافظة على بشاشة الوجه  والابتسامة الدائمة، فهي علامات صامتة  يفهم منها الآخرون أنك تقدرهم وتحترمهم، كما أنها تخلق منذ البداية جوا إيجابيا وثقة بين الوافد والمستقبل  ثم إنها لا تكلف  صاحبها لا مالا ولا جهدا. 
2.    الحرص على الأدب الرفيع  واللباقة في الكلام مع العموم، أو في المكالمات الهاتفية، أو حتى في الأجوبة الكتابية على المراسلات لأنه لا يخدم فقط الوافد أو المرتفق ولكنه مفيد للموظف لما يجلبه له من احترام وتقدير من طرف الآخرين .
3.    الإكثار من العبارات الرقيقة التي تشعر بالاحترام، مثل نأسف لعدم الإنجاز، نعتذر عن هذا التأخير... فإن لها تأثيرا إيجابيا على الوافدين..
4.    الصبر وسعة الصدر، فطبيعة وعبء عمل الموظف وإكراهات الوقت والآجال لا يمكن أن تشفع لأي تصرفات غير لائقة. لذلك لابد من التعود على الصبر وسعة الصدر والتدرب على ضبط النفس ، خاصة عند تكرار نفس الطلب، أو طلب مزيد من الشروح التوضيحية، أو عند حدوث سوء تجاوب من قبل المتقاضي.
5.    تقديم المساعدة اللازمة لذوي الحاجات الخاصة من المعاقين والعجزة من خلال إعطائهم حق الأسبقية وإنجاز مطالبهم بسرعة أكبر وتسهيل الإجراءات عليهم وخلق ظروف مريحة لاستقبالهم في حدود ما يسمح به القانون والإمكانات المادية ..
6.    الوضوح والتبسيط، فينبغي أن يكون الموظف في شرحه للإجراءات المسطرية للوافدين  واضحا ومُبَسطا للغاية، حتى يتمكنوا من فهم ما لهم وما عليهم.. ولا بأس من الاستعانة ببعض المرادفات من اللغة اليومية لتقريب المفاهيم القانونية والاجراءات المسطرية للعموم، نظرا لعامل الأمية أولا، ثم لصعوبة اللغة القانونية ثانيا. فإن ذلك كفيل بمساعدة المتقاضي في القيام بإجراءاته بشكل سليم، وبالتالي خفض التكلفة المادية والزمنية في قضيته..
ومن الأمثلة في هذا الباب، إطلاع الوافد على الوثائق المطلوبة في الزواج أو الطلاق أو الكفالة أو غيرها من المساطر، وتوضيح الخطوات التي ينبغي أن يسلكها، والآجال القانونية المحددة لكل إجراء وغير ذلك. 
7.    حسن توجيه المتقاضين إلى الجهة المعنية، أو من يمكن مساعدتهم في الحصول على المعلومات الضرورية لإنجاز ما يطلبونه، بدل التجاهل واللامبالاة، أو الصد بعبارات جارحة ومنفرة.
8.    الاعتذار في حالة الخطأ، الذي قد ينتج عنه إضرار بمصالح المواطن، والعمل على إصلاح الآثار السلبية لعمله قدر الإمكان، وإطلاع المتضررين على طرق الطعن أو التصحيح. فإن أفضل استدراك للخطأ هو الاعتراف به، كما يقال. 
9.    حسن الاستماع والإنصات الجيد للوافدين على القسم، مما يتيح لهم الفرصة ، للتعبير عن وجهة نظرهم والدفاع عنها في إطار ما تسمح به قوانين الإدارة، وفي حدود اللياقة والاحترام المتبادل.
10.                      تعليل القرارات الإدارية الصادرة عن الموظف، وذلك بالإشارة إلى المراجع القانونية التي تضفي المشروعية على عمل القسم بشكل عام، وعلى  القرار المتخذ على الخصوص.

المحور الثالث / آليات ترسيخ قواعد السلوك
         على الرغم من أهمية القواعد السلوكية المشار إليها أعلاه، والتي يفترض أن يتمتع بها جميع العاملين في أقسام الأسرة، إلا أن ترسيخها وتثبيتها يحتاج إلى بعض الآليات العملية حتى تصبح واقعا ملموسا يؤتي ثماره وينتج آثاره الإيجابية. 
         ومن الآليات التي يمكن أن تساعد في هذا الشأن:
أ/ تنمية الرقابة الذاتية
فالموظف الناجح هو الذي يراقب الله تعالى في عمله  قبل أن يراقبه المسؤول، وهو الذي يراعي المصلحة الوطنية قبل المصلحة الشخصية، وهو الذي يحب عمله ووظيفته ويتفانى في خدمة الناس، مهما كانت الظروف والأحوال، ويلتزم بالواجبات قبل المطالبة بالحقوق. 
 فإذا ترسخت هذه المعاني الكبيرة في نفس الموظف فستنجح المؤسسة التي ينتمي إليها بلا شكّ ؛ لأن ذلك دليل قوي على إخلاص العاملين في وظائفهم.
فالرقابة الذاتية تنمي كل الصفات الحميدة المتفق عليها بين بني البشر في كل بقاع العالم...فتمنع الخيانة، وتعين على الأمانة، وترسخ النزاهة والشفافيةـ وتقوي الإحساس بالمسؤولية، وتزرع الثقة بين الناس..
ب/ ترسيخ ثقافة خدمة المرفق العام،
فالمرفق العام يمثل المظهر الإيجابي لنشاط الإدارة وتتولاه الإدارة بنفسها أو بالاشتراك مع الأفراد , وتسعى من خلاله إلى إشباع الحاجات العامة للمرتفقين .
وإن انتماء الموظف إلى المرفق العام يحتم عليه الشعور بأن هذا الانتماء هو مسؤولية وتكليف قبل أن يكون تشريفا ، وأن ذلك  يلزمه بأن يكون في خدمة هذا المرفق العام، الذي وجد أساسا ليكون في خدمة المصالح العامة للوافدين عليه.
ولترسيخ شعور الموظف بأهمية المرفق العام وضرورة تفانيه في خدمته يمكن الاستعانة يما يلي:
·       التذكير المستمر بأهمية هذا المرفق من خلال الدوريات والنشرات المركزية واللامركزية.
·       إقامة دورات تدريبية لمعالجة بعض الاختلالات التي تقع في المرافق العامة.
·       التقييم المستمر لسلوك الموظفين، مع إحداث شواهد تقديرية لمكافأة "الموظف المثالي في خدمة المرفق العام".  
·        
ج/ تفعيل نظام المحاسبة،
باعتباره آلية فعالة لإدانة السلوك المشين وتقويم الانحرافات التي يقع فيها بعض الموظفين أثناء ممارسة مهامهم، والتي يمكن أن تبرز على عدة مستويات:
أولا : على مستوى المهام باعتبارها أعمالا مادية أو معنوية يساهم من خلالها الموظف العمومي في تدبير المرفق العمومي حيث يمكن أن تطفو سلوكات التماطل والتقاعس واللامبالاة وغيرها.
ثانيا: على مستوى الإدارة  باعتبارها شخصا معنويا يوفر الوسائل المختلفة للقيام بهذه المهام ويؤثر بقراراته فيه،  حيث يمكن أن تظهر سلوكات الاختلاس واستغلال النفوذ وتحصيل المنافع غير المشروعة والاستخدام المتعسف للممتلكات العمومية وغيرها .
ثالثا : على مستوى  المرتفق باعتباره شخصا ذاتيا أو معنويا يلتجئ إلى خدمات الإدارة ويساهم في توجيه أنشطتها، حيث يمكن أن تبرز سلوكات الارتشاء و المحسوبية والشطط في استعمال السلطة والنصب والمعاملة التفضيلية إزاء المرتفقين وضعف جودة الخدمات وغيرها .
وفي هذا الإطار ينبغي تفعيل كل النصوص القانونية التي تنص على تجريم السلوكات المشينة، والمتمثلة في:
·       الارتشاء (الفصل 248 و 249 من ق . ج) ،
·       اختلاس الأموال ( الفصول 241 و 242 من ق . ج
·       استغلال النفوذ (الفصل 250 من ق . ج
·       الغدر (الفصول 243 و 244 من ق . ج)،
·        تحصيل منافع غير قانونية (الفصول  245 و 246)
·       المحسوبية (الفصل 254 من ق.ج)
·       الشطط في استعمال السلطة وخيانة الأمانة (الفصلين 547 و 555من ق.ج
·       التزوير (الفصلين 334و 367 من ق. ج)

د/ التأكيد على القدوة الحسنة،
إن الكثير من القيم الأخلاقية والقواعد السلوكية المهنية، لا تحتاج في العمل بها إلى كثير من المواثيق أو المدونات السلوكيات، بقدر ما يمكن اكتسابها عن طريق القدوة الحسنة التي يقدمها الرئيس للمرؤوس أو الموظف الأعلى للموظف الأدنى، أو الموظف النشيط للمتقاعس.. باعتبارها تنزيلا عمليا وممارسة واقعية يومية مشاهدة لا تحتاج إلى كثير من التعابير والشرح.
ويمكن أنت تظهر هذه القدوة الحسنة في العمل الإداري في جوانب كثيرة، كالتقيد بالقوانين وأنظمة العمل، وفي الالتزام بأوقات العمل في الحضور والانصراف، وفي تنظيم العمل وجودة الخدمة المقدمة للمرتفقين، وفي حسن التواصل مع المحيط الداخلي والخارجي.، وفي الهندام والمظهر الخارجي... وفي غيرها من الجوانب التي تحتاج إلى الأعمال أكثر من الأقوال. 

ختاما نقول،

إن الاستيعاب الجيد لقواعد السلوك بأقسام قضاء الأسرة، والتقيد بها في الممارسة اليومية للموظف من شأنه أن يسهل الولوج إلى هذه الأقسام، وأن يجعل منها مرافق عمومية حديثة ومواطنة، وأن يرفع من جودة الخدمات المقدمة بها.   


رموز انفعاليةEmoticon