الوقائع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوي المودع لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 18 فبراير 2019، المعفى من أداء الرسوم القضائية، والذي أكد من خلاله الطاعن بواسطة دفاعه أنه يعمل كموظف بمحكمة الاستئناف بمراكش في إطار منتدب قضائي من الدرجة الأولى وأنه استنادا إلى القرار الوزيري عدد 15456/10 تم تعيينه في إطار المسؤولية كرئيس لمصلحة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بسيدي بنور، وبمقتضى القرار الوزيري عدد 2781 /12 وتاريخ 2012/01/19 تم نقله في إطار المسؤولية رئيس لمصلحة كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف بمراكش، وأنه لم تسجل عليه أية إخلالات مهنية أو إدارية، ولم يسبق ان كان موضوع أية تقارير إدارية سواء من طرف مسؤوليه المباشرين أو المصالح الإدارية المركزية المختصة، بل إن تقارير المسؤولين المباشرين وكذلك تقارير المصالح المركزية المختصة تشهد كلها على كفاءته وحسن سلوكه وقدرته المتميزة في حسن تدبيره للمرفق الذي يشرف عليه، ولز المؤشرات الرقمية التي تم تحقيقها خلال سنوات تحمله مسؤولية الإشراف على كتابة ضبط محكمة الاستئناف بمراكش لخير دليل على ذلك وهو ما استحق عنه النقط التقديرية الإدارية الكاملة حيث حصل على 20 / 20 خلال كل السنوات التي قضاها في تحمل المسؤولية، كما كان موضوع عدة تنويهات من قبل الإدارة المركزية بسبب النتائج الجيدة التي حققتها المصلحة التي يشرف عليها على مستور النجاعة الإدارية، وأنه وعلى الرغم من كل هذه المجهودات فوجئ بصدور قرار عن السيد وزير العدل بتاريخ 2018/11/07 تحت رقم 29849/18 م. م ب يقضي بإعفائه من مهام رئيس مصلحة كتابة الضبط بمحكمة
الاستئناف، ما جعله يتقدم بتظلم في الموضوع وطلب استعطافي إلى الجهة المصدرة للقرار المطعون فيه من اجل إنصافه والعدول عن قرار الإعفاء من المسؤولية توصلت به الإدارة المركزية بتاريخ 2018/12/27 ظل دون جواب، ما يعد رفضا مؤثرا في وضعيته ولذلك يلتمس الحكم بإلغائه مع ترتيب الآثار القانونية عن ذلك لاتسامه بالعيوب التالية :
اولا- عيب انعدام التعليل: ذلك أن القرار موضوع اللطعن غير معلل لعدم تضمنه العناصر الواقعية والقانونية التي تبرر اتخاذه وذلك إعمالا لمقتضيات القانون رقم 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، والمادة 12 من المرسوم 2681/11/2 الصادر 25 نوفمبر 2011 بشان تعيين رؤساء الأقسام والمصالح بالإدارات العمومية التي توجب أن يكون القرار الصادر بهذا الخصوص معللا.
ثانيا- عيب السبب: أن القرار المطعون فيه لم ينبني على أي سبب حتى يمكن للقضاء مراقبته ومعرفة هل هو صحيح أم لا
ثالثا- عيب مخالفة القانون : المتمثل في عدم إثبات الإدارة ارتكابه لخطأ جسيم أو إخلاله بالتزاماته المهنية لتبرير قرارها وذلك انسجاما مع أحكام المادة 12 من المرسوم رقم 2681/11/2 الصادر في 25 نوفمبر 2011 بشان تعيين رؤساء الأقسام والمصالح بالإدارات العمومية بالإدارات العمومية التي تنص على "أنه في حالة ارتكاب رئيس قسم أو رئيس مصلحة لخطأ جسيم، أو في حالة إخلاله بالتزاماته الوظيفية، يمكن لرئيس الإدارة ان يقوم بإعفائه فورا من مهامه بقرار معلل"
رابعا- عيب الشطط والانحراف في استعمال السلطة : ذلك أن القرار موضوع الطعن لا يمت بصلة للمصلحة العامة ولم يخضع لمعايير واضحة وأنه تحكمت في إصداره دوافع وخلفيات خاصة موضحا أنه لا يوجد ضمن وثائق الملف أو من خلال الظروف التي واكبت صدور القرار المطعون فيه ما ينهض حجة على نية الوزارة في تحقيق المصلحة العامة، متسائلا عن المصلحة العامة التي دفعتها لاتخاذ القرار موضوع الطعن في الوقت الذي أضحت فيه كتابة ضبط المحكمة من المصالح النموذجية، سواء من حيث تحديث الإدارة القضائية باعتمادها الإدارة الإلكترونية منذ سنة 2013، والتنزيل الفعلي لوحدات التبليغ والتحصيل الزجري وتحقيق كل المؤشرات الرقمية وبشكل ملفت للنظر مقارنة مع باقي محاكم المملكة منذ توليه مسؤولية الإشراف على مصلحة كتابة الضبط
بمحكمة الاستئناف بمراكش، والتمس تبعا لذلك الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر عن السيد وزير العدل تحت عدد 29849/18 م.م.ب مع ما يترتب عن ذلك قانونا، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وأرفق طلبه بصورة من قرار التعيين في المسؤولية، وصورة من القرار المطعون فيه، وصورة من التظلم الاستعطافي.
وبناء على جواب السيد وزير العدل المقدم بتاريخ 2019/03/21 ، والذي أفاد من خلاله أن قرارات الإعفاء من المسؤولية لا تخضع للتعليل المنصوص عليه في المادة الثانية من القانون 01-03 المتعلق بتعليل القرارات الإدارية، لكون الإعفاء من المهام ليس عقوبة إدارية كما أنه لا يصنف ضمن القرارات الإدارية القاضية بسحب أو إلغاء قرار منشئ لحقوق ما دام التكليف لا يكسب حقا، وأنه بالرجوع إلى مقتضيات المادة 11 من المرسوم رقم 681-11-2 الصادر بتاريخ 2011/11/25 في شأن كيفيات تعيين رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح بالإدارات العمومية نجدها لم تنص على وجوبية تعليل قرار الرجوع في التكليف بالمهام، وهذا المقتضى القانوني يعتبر بمثابة نصر خاصر جاء بشكل لاحق على القانون 01- 03، مضيفا أن عبارة "لما اقتضته المصلحة الإدارية تشكل في حد ذاتها تعليل كافيا لقرار الإعفاء من المهام، على اعتبار أن مهمة رئيس مصلحة كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف بمراكش أسندت للمعني بالأمر لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة وهي مجرد مهمة إدارية تسند للإدارة في خلقها وإنهائها على صلاحيتها في تسيير المرفق العام، مؤكدا أن إسناد مهام المسؤولية والإعفاء منها يندرج ضمن السلطة التقديرية للإدارة لتنزيل التصورات والبرامج الكفيلة لضمان التدبير الأمثل للمرافق العمومية وذلك باعتبارها الأقدر على تقييم سلوك موظفيها بصفتها المسؤولة عن استمرارية المرفق العام، وأن مقتضيات المادة 11 من المرسوم رقم 681- 11- 2 سالف الذكر جعلت التعيين في المهام يتسم بالتأقيت ويعد قابلا للرجوع فيه، وأنه من المسلم به فقها وقضاء أن إنهاء التكليف بمهمة أو الإعفاء منها يمكن أن يتم في أي وقت دون أن يطرح أي إشكال لأنه لا يتنافى مع اي نصر تشريعي ويدخل ضمن صلاحيات الإدارة التي تملك حرية واسعة في مجال إسناد المهام التي ترى بأنها في حاجة إليها، وعليه فإن التكليف بمهمة يبقى قابلا للإعفاء منه كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك، وأن قرار إعفاء الطاعن ليس فيه خرق لمقتضيات المادة 12 من المرسوم رقم 681- 11- 2 في شأن كيفيات تعيين رؤساء الأقسام ورؤساء بالإدارات العمومية، ذلك أز قرار الإعفاء يجد سنده في الفصل 11 من المرسوم المذكور والذي ينص على ما يلي: يعين الموظفون والموظفات الذين تم انتقاؤهم بمزاولة مهام رئيس قسم أو مهام رئيس مصلحة بقرار لرئيس الإدارة المعنية ويعتبر التعيين في هذه المهام قابلا للرجوع فيه .. ومؤدى ذلك أن الطاعن غيب من الاعتبار ان المشرع قد جعل حالة الإعفاء من المهمة في إطار المادة 11 اعلاه حالة مستقلة بأسبابها، وبالتالي في مجال التطبيق المادة 12 من نفس المرسوم، موضحا أن إسناد المهمة أو التكليف بالمسؤولية لا علاقة له بتحسين الوضعية النظامية والإدارية، وان إعفاء المكلف من المهمة لا يمس هو الآخر بتلك الوضعية سلبيا، كما أن الإعفاء لا يعتبر بأي حال من الأحوال عقوبة تأديبية تفتح المجال للطعن بالإلغاء للشطط في استعمال السلطة، وهو المنحى الذي كرسه العمل القضائي مؤكدا بخصوص الوسيلة المستمدة من الانحراف في استعمال السلطة أن الطاعن عجز بشكل مطلق من إثبات كون الإدارة قد حادت عن ضوابط المصلحة العامة في اتخاذ قرار الإعفاء من المهام، كما أخفق في إيراد سبب أو مصلحة أخرى غير المصلحة العامة تكون قد حركت الإدارة حين إصدارها للقرار المذكور، وفي المقابل بينت الإدارة ان دواعي المصلحة العامة هي التي كانت سببا في اتخاذ القرار الإداري المطعون فيه، والتمس تبعا لذلك الحكم برفض الطعن.
وبناء على جواب الوكيل القضائي للمملكة بصفته هاته ونيابة عن الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة وعن السيد وزير العدل والمدلى به بجلسة 2019/04/11 ، والذي أكد من خلاله مضمن جواب السيد وزير العدل مضيفا بأن الادعاء بالشكل والانحراف في استعمال السلطة لم يتم إثباته بشكل كاف ومقنع بحيث لم يدل الطاعن بأية حجة أو دليل قاطع يفيد بأن الإدارة قد انحرفت في استعمال سلطتها عند إصدارها القرار المطعون فيه، بل إن كل القرائن والأدلة تؤكد أن القرار المذكور يظل قرارا مشروعا خاليا من أي عيب، وأنه في غياب إدلائه بأي فرينة يمكن الركون إليها لإثبات انحراف الإدارة في استعمال سلطتها يبقى القرار المطعون فيه سليما ومشروعا لقيامة على مسوغات تبرره، وأن الإدارة لم تكن غايتها من إعفاء الطاعن سوى السهر على حسن تدبير وسير المرفق العمومي وتحقيق المصلحة العامة في تسيير المرفق الذي كان يشرف عليه، وأن القول باتسام القرار المطعون فيه بالانحراف في استعمال السلطة في غير محله ولا أساس له، والتمس الحكم برفض الطلب.
وبناء على المذكرة التعقيبية المقدمة من قبل دفاع الطاعن بتاريخ 2019/04/25 ، والتي أفاد من خلالها أن الطرف المطلوب في الطعن قد عجز عن تقديم تعليل واقعي وقانوني لقراره سواء في صلبه أو عند جوابه، ما يعني أن القرار موضوع الطعن غير معلل وغير مشروع، مضيفا أنه إعمالا للمادة 12 من المرسوم رقم 681-11-02 الواجبة التطبيق على موضوع النزاع فإن صلاحية الإدارة وسلطتها التقديرية في إنهاء التكليف بمهمة رئيس قسم أو رئيس مصلحة مقيدة بمدى توافر احد شرطي الإعفاء وهما الخطأ الجسيم والإخلالات المهنية، وأن يكون ذلك بمقتضى قرار معلل ما يجعل عيب مخالفة القانون قائما، مؤكدا بأن الادارة تحاول تبرير قرارها وتحصينه بمصطلحات عامة وفضفاضة كالمصلحة العامة والمصلحة الإدارية مبادئ المرفق العمومي الخاضعة للجودة والشفافية والمسؤولية، والحال أنه استطاع بفضل كفاءته وحنكته من تنزيل كافة التصورات والبرامج المعدة من طرف الوزارة وأيضا من طرف رئاسة المحكمة، وبالتالي تحقيق النجاعة الإدارية المطلوبة على كافة الواجهات ، واصبحت المحكمة تحتل رتبة متقدمة بين باقي محاكم المملكة بعدما كانت مصنفة في الخانة السوداء سنة 2012 – وهي سنة بداية تكليفه بالإشراف على مصلحة كتابة الضبط إلى تاريخ إعفائه، متسائلا عن المصلحة العامة التي حركت الإدارة لإصدار قرار إعفائه، مؤكدا وجود غايات وبواعث أخرى لا صلة لها بالمصلحة الإدارية جعلتها تنحرف في استعمال سلطتها وتتخذ قرارها غير المشروع، ما يجعل قرار إعفائه من مهامه متسما بالانحراف في استعمال السلطة وغير مشروع ووجب إلغاؤه، ملتمسا الحكم وفق ما هو مفصل بمقال الطعن، وأرفق مذكرته بالإحصائيات الرسمية لترتيب المحكمة من سنة 2012 إلى 2018، وجدول تطور مداخيل التنفيذ الزجري الخاص بالمحكمة، والصفحة 75 من تقرير التفتيش العام لمحكمة الاستئناف بمراكش لسنة 2017 حول تقرير مديرية الميزانية والمراقبة لسنة 2017، تنويه السيد وزير العدل لسنة 2018، تكليف بتأطير حلقات تكوينية لفائدة موظفي المحاكم، بطاقات التنقيط لسنوات 2010-2011-2012-2013-2015-2016-2017-2018.
وبناء على المستنتجات الكتابية للسيد المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق
وبناء على قرار المحكمة بحجز القضية للمداولة والحكم لجلسة 2019/05/09 .
وبعد المداولة طبقا للقانون
تعليل المحكمة
- في الشكل:
حيث قدمت الدعوى مستوفية لكافة الشروط الشكلية المتطلبة قانونا وداخل الأجل القانوني للطعن بالإلغاء المنصوص عليه بمقتضى المادة 23 من القانون رقم 41-90 المحدث للمحاكم الإدارية مما يتعين معه قبولها.
- في الموضوع:
حيث يهدف الطلب إلى الطعن بالإلغاء ضد القرار الإداري الصادر عن السيد وزير العدل تحت عدد 18/29849 م. م.ب وتاريخ 2018/11/07 ، مع ما يترتب عن ذلك قانونا وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
وحيث تبين للمحكمة من خلال الاطلاع على الوثائق المدلى بها في الملف، وبعد دراستها لكافة معطيات القضية، أن الطعن أسس على الوسائل التالية:
1- إتسام القرار المطعون فيه بالانحراف والشطط في استعمال السلطة .
2- انعدام التعليل
3- عيب السبب
4- مخالفة القانون
وحيث إنه فيما يخص الوسيلة المستمدة من الانحراف والشطة في استعمال السلطة، فقد أشار الطاعن في طلبه إلى وجود غايات وبواعث خفية لا صلة لها بالمصلحة الإدارية جعلت الإدارة تنحرف في استعمال سلطتها وتتخذ قرارها غير المشروع القاضي بإعفائه من مهامه رغم كل النتائج الإيجابية التي حققها حسب الثابت من مرفقات مقاله.
وحيث دفعت الإدارة من جانبها إلى أن التكليف بالمسؤولية ليس حقا مكتسبا، ويمكن لها التراجع عنه في إطار سلطتها التقديرية باعتبار الإعفاء من المهام ليس عقوبة تأديبية، وإنما هو تصرف قانوني صادر عن الإدارة، مؤكدة أن الطاعن عجز بشكل مطلق عن إثبات كونها قد حادت عن ضوابط المصلحة العامة في اتخاذ قرار الإعفاء من المهام، كما أخفق في إيراد سبب أو مصلحة أخري غير المصلحة العامة تكون قد حركتها حين إصدارها للقرار المذكور موضحة أنها بينت من خلال جوابها أن دواعي المصلحة العامة هي التي كانت سببا في اتخاذ القرار الإداري المطعون.
لكن، حيث إنه لئن كانت الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية في إسناد منصب المسؤولية أو الإعفاء منه متى شاءت ولا رقابة للقضاء عليها ، إلا أن ذلك مشروط بعدم الانحراف في استعمال السلطة وبمدى مشروعية الأسباب المعتمدة في قرار الإعفاء، ومن المصلحة العامة أن تكون القرارات الإدارية مستندة إلى المشروعية ، لذا فما دام الطاعن ينازع في مشروعية القرار المطعون فيه، فإن الدفع بالسلطة التقديرية للإدارة يبقى غير ذي جدوى ، مادامت مقتضيات المادة 20 من قانون90/41 المحدث للمحاكم الإدارية قد خولت لكل متضرر من قرار إداري الطعن فيه إذا شابه عيب من عيوب المشروعية، الشيء الذي لا يمكن معه استثناء القرارات الإدارية الصادرة بشأن الإعفاء من المسؤولية من تفحص مشروعيتها أمام القضاء.
وحيث إنه إذا كان الاجتهاد القضائي للغرفة الإدارية بمحكمة النقض قد تواتر من خلال عدد من القرارات الصادرة عنها من بينها القرار عدد 87 الصادر بتاريخ 2004/02/04 في الملف الإداري عدد 2000/1/4/658 على أن الإدارة وفي إطار سلطتها التقديرية لها الحق في إعفاء موظف ما من المسؤولية، مادام أن مركز هذا الموظف يظل دائما قابلا للتغيير في أي وقت وفقا لمتطلبات المصلحة العامة بدون أن يكون له إزاءها أي حق مكتسب في البقاء في منصب المسؤولية، فإن هذا الإعفاء يبقى مشروطا وفي جميع الأحوال بوجوب أن يكون مبنيا على أساس من القانون والواقع وأن لا يكون مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة.
وحيث إنه في هذا الصدد وبالاطلاع على عناصر المنازعة ومعطياتها وكذا وثائق الملف ومستنداته، يتبين أن الإدارة اتخذت قرارها المطعون فيه دون أن تبرز دواعي وأسباب إعفاء الطاعن من مهامه كرئيس كتابة ضبط محكمة الاستئناف بمراكش، أو أن هذا الأخير لا يستجمع الكفاءة والخبرة اللازمتين لتطوير أداء المرفق المكلف به حتى يتسنى للمحكمة التحقق من صحة السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه والتأكد من كونه لم يتسم بأي انحراف في استعمال السلطة، سيما وأن الإدارة تبقي ملزمة واعتبارا للطبيعة القانونية للقرار المتخذ في حق الطاعن بإبراز الأسباب والمبررات التي أدت إلى إصداره.
وحيث إن عدم تكليف الطاعن بأي مهمة أخرى بعدما تم إعفاؤه من منصب رئيس مصلحة كتابة الضبط، والحال أن الإدارة لا تطعن في خبرته وتكوينه وتجربته وحسن سيرته، يشكل قرينة على أن إعفاءه من منصبه قد اتخذ لغاية غير تحقيق المصلحة العامة، مما يشكل انحرافا في استعمال السلطة.
وحيث إن الطاعن قد أكد في مقاله وفي مذكرته التعقيبية عدم ارتكابه لأي مخالفة أو خطأ مهني يبرر إعفاءه من مهامه ، بل إنه كان محل تشجيع من طرف رؤسائه ، وأنه مشهود له بالكفاءة بدليل الترتيب الذي حصلت عليه محكمة الاستئناف خلال فترة تحمله مسؤولية تسيير وتدبير شؤون كتابة الضبط حسب الثابت من الإحصائيات الرسمية المرفقة بمذكرته، ما جعله محل تنويه من قبل المفتشية العامة خلال سنة 2017، والسيد وزير العدل خلال سنة 2018.
وحيث إنه بعد اطلاع المحكمة على تاريخ إصدار قرار الإعفاء وهو 2018/11/07 ، تبين لها بأنه جاء لاحقا عن تاريخ تقديم الشكاية المشار إليها بتظلم الطاعن المرفق المقال والتي صدر بشأنها أمر عن السيد قاضي التحقيق بعدم المتابعة، مما يشكل قرينة إضافية على أن اتخاذ القرار المذكور جاء كتأديب للطاعن.
وحيث إن مظاهر الانحراف في استعمال السلطة كما استقر على ذلك اجتهاد الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى متنوعة ، ومن أهم صورها أن يكون قرار الإعفاء يغلف عقوبة تأديبية كان من المفروض أن تطبقها الإدارة في حق الموظف التابع لها باتخاذ الإجراء التأديبي الملائم في حقه، وجعله أساسا لإعفائه من المهام المسندة إليه وحيث إنه كان على الإدارة تبعا لما ذكر، وطالما أن قرار الإعفاء صدر مباشرة بعد تقديم شكاية ضد الطاعن، أن تقوم باتخاذ الإجراءات التأديبية الملائمة في حقه، وتجريده من المهام الموكولة إليه بناء على ذلك.
وحيث إنه تبعا لما ذكر تكون الوسيلة المعتمدة بهذا الصدد مبنية على أساس سليم ويتعين اعتمادها دونما حاجة إلى مناقشة باقي الوسائل.
وحيث إنه أمام كل هذه المعطيات يكون القرار المطعون فيه مشوبا بالشطط والانحراف في استعمال السلطة مما يتعين معه الحكم بإلغائه، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
وحيث إن طلب النفاذ المعجل يبقى منعدم الأساس القانوني ويتعين الحكم برده.
لهذه الأسباب
وتطبيقا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية، والقانون رقم 41-90 المحدث للمحاكم الإدارية
المنطوق
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وبمثابة حضوري :
أ) في الشكل: بقبول الطعن
ب) في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه، وكانت هيأة الحكم متكونة من:
محمد الجرني......................................................... رئيسا
عبد العزيز الأغزاوي ........................................... مقررا
محمد مستعيد ........................................................ عضوا
بحضور السيد م. المصطفى ريكار.............. مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيدة حنان الشرفاوي ............. كاتبة للضبط
رموز انفعاليةEmoticon